موقع مدينة نابلس الالكترونية يتغيّر
زوار موقعنا الأعزاء!
لعلكم تلاحظون أن الموقع يتغير وأن العديد من الزوايا قد تم الغاؤها، وأن التركيز أصبح أكبر على المحتوى، لأن الغرض من موقع مدينة نابلس الالكترونية هو تقديم المحتوى المتقدم عن المدينة، فقد قمنا بحجب الكثير من المحتوى الغير منظم ويجري حالياً مراجعة كامل المحتوى وسيتم نشره تباعاً حسب وفرة الوقت للمحرر.

مدير ومؤسس الموقع: م. سامي الصدر

مقال اليوم
الشهيد محمد البسطامي : صمته المدوّي زلزل أركان مستوطنة

"من جبال النار الملتهبة يخرج الاستشهاديّون الكبار، و من قلعة المجاهدين العظماء تنطلق مواكب الأحرار لتسطّر بحروفٍ مضيئة أروع صفحات العزّ و الفَخار .. "محمد البسطامي" ذاك الشاب اليافع الذي اختار أنْ يسجّل اسمه في سجلّ الشهداء لأنّ الأمم لا تحيى إلا بشهدائها .. و لأنّ الأرض المغتصبة لا يستردّها إلا أبناؤها الشرفاء ، و لأنّ أشجارها لا تسمق لتطاول عنان السماء إلا حين تُروى بدماء الشهداء" ..

 

وُلد الشهيد محمد كزيد فيصل البسطامي في السابع عشر من آب عام 1983 بمدينة نابلس و عاش في كنف أسرةٍ ملؤها الطهر و العفّة و التديّن ، فتربّى و نشأ على أفضل القيم و أعلى الأخلاق ، تلقّى تعليمه في مدارس نابلس ثم انتقل إلى جامعة النجاح الوطنية ليدرس برمجة الحاسوب بكلية المجتمع .

 

نشأ الشهيد محمد في مسجد عقبة بن نافع الذي يشهد له على التزامه بالصلاة فيه و تلقّيه دروس العلم و الإيمان في أنحائه .. فكلّ كبيرٍ و صغير يعرف محمداً الذي أينما ذهب فاضت منه الرياحين ، و سُرّ به كلّ من رآه ، يملأ الأرجاء حباً و فرحاً ، و كان يردّد حديث النبي – صلى الله عليه و سلم - "تبسّمك في وجه أخيك صدقة" ، و كان يساعد كلّ محتاج و يكون أول المتطوّعين في أيّ عملٍ خيريّ .

 

و هو كما يصفه إخوانه في المسجد كان هادئاً قليل الكلام كثير الإصغاء و الصمت ، محبّاً لإخوانه ، لا يعرف الكذب ، عطوفاً على الصغار محترماً للكبار ، كان آمراً بالمعروف ناهياً عن المنكر ، لا يخشى في الله لومة لائم و قد تميّز بين أقرانه بقول الحقّ و لو كان مرّاً ، و فضلاً عن قوة الإيمان و العقيدة لديه فإنّ كلّ من يراه كان يلمس فيه رباطة الجأش و حسن الخلق و بشاشة الوجه ، و لصوم النوافل و قيام الليل عنده حصّة كبيرة من حياته الإيمانية حتى أنه صام نصف شهر شعبان في سنته الأخيرة و كان يحبّ قيام الليل ، و قد رأته أمّه في آخر ليلة و هو قائمٌ يصلّي و يدعو الله تعالى .

 

و كان لشهيدنا مع القرآن الكريم جلسات و رحلات ، فكان يحبّ قراءة كتاب الله بتجويدٍ و صوتٍ نديّ جهوري .. كيف لا و هو الذي تربّى في أحضان المساجد و رضع من لبن الدعوة إلى الله فانغرس في قلبه حبّ القرآن و الدعوة إلى الله ، و ما إنْ ترعرع و أيفع حتى أخذ على عاتقه تحفيظ الأشبال الصغار كتاب الله الكريم و كان يحثّهم و يشجّعهم على حفظه و كان من أسمى أهدافه أنْ يغرس في نفوس الصغار حبّ القرآن الكريم .

كان محمد في آخر أيامه يزداد تقرّباً من إخوانه و يجلس معهم الساعات الطوال و يمازحهم و كأنّه يقول لهم .. هذا المزاح و هذه المحبة و الأخوة هي حبل الذكرى الخالد الذي لن ينقطع و إن نأينا عن بعضنا البعض .. و كان يوصي إخوانه و يرسل إليهم رسائل المحبة و هم لا يدرون أنّ الشهيد القادم سيكون محمداً .

 

امتحان خطير :

و يقول والده عن يوم استشهاده : "خرج محمد من المنزل يوم 27/10/2002 ليؤدّي امتحاناً في كليّته و لم تظهر عليه أيّ علامةٍ أو أيّ شيءٍ غير طبيعيّ ، فقد كان تصرّفه في الصباح بشكلٍ طبيعيّ جدّاً و لم يشكّ أحدٌ مطلقاً بأنّه ذاهبٌ لأيّ مهمةٍ أو عملية ، و لكنّه تأخّر عن البيت و لم يعدْ في موعده ، فاتصلنا على جوّاله عدة مرات و لكنّه لم يجب .. و بعد صلاة المغرب وردنا اتصالٌ هاتفي من مجهولٍ عرّف عن نفسه أنّه من كتائب الشهيد عز الدين القسام ، و أخبرنا أنّ محمداً هو الذي نفّذ عملية "آرئيل" ظهر ذلك اليوم .. فقلت الحمد لله .. حسبي الله و نعم الوكيل و لا حول و لا قوّة إلا بالله ، و ما كان من أخيه إلا أنْ سجد لله سجود الشكر على هذه الأعطية" .

 

و يضيف والده : "قبل يومٍ من ذهابه لتنفيذ العملية تحدّث محمد إلى والدته طالباً منها أنْ ترضى عنه كثيراً و أنْ تدعوَ له ، و فعلت والدته ما طلب منها ، و قد استغربت من ذلك و قالت له لماذا كلّ هذا ؟ فلم يخبرها بشيء و قال لها (لا شيء ، أحبّ أنْ ترضي عني و تدعي لي)" .

 

و قد كان يلمّح لأمه أحياناً عن حبّه للشهادة ، و صباح يوم تنفيذ العمليّة طلب منها صورةً له فقالت له : "و ماذا تريد أن تفعل بها ؟" فقال : "أريد أنّ أعطيها لحبيبتي" ، فقالت له أمه: "و من هي ؟" ، فأجابها : "إحدى حوريات الجنة" ، ثم مازح أمّه و ضحك معها و ذهب .

 

على خطى الأحبة :

عشق محمد الشهادة في سبيل الله فلحق بركب أحبّ إخوانه إليه الشهيد المربّي عمر منصور ، و الشهيد المحبّ عماد الزبيدي ، فأقسم أنْ لا يلقى الله عز و جلّ إلا بعمليةٍ نوعية كبرى تهزّ أركان العدو و تزلزل أقدامهم .. و كان له ما أراد .

فكانت تلبية الله عز و جلّ لدعائه قريبة و كما تمنّى ، فها هو يقوم بعملية استشهادية نوعية حطّمت أمن العدو في أعتى معاقله ، و اختار هدفه بدقّةٍ و عناية ليفجّر عبوته و يجعل من جسده قنبلة تفتّت أجساد المحتلين و تجعلهم يذوقون مرّ الكأس و يقتحم عليهم حصونهم و يكون الهدف مجموعةً من الضباط الكبار في جيش الاحتلال و جنوده الجبناء ، فأوقع منهم أكثر من ثلاثين بين قتيلٍ و جريح ، و من بين القتلى كان قائدٌ عسكريّ برتبة "ميجر" و هو الذي قاد ألوية جيش الاحتلال لإسقاط و احتلال قلعة "شقيف" خلال حرب لبنان عام 1982 ، فأسقطه شهيدنا أشلاء ليكون رسالةً للعدو بأنّ مجازركم و حربكم لن تمرّ دون عقاب مهما طال الزمن ، و مهما توالت الأيام فالدائرة ستدور عليكم .

رحل مجاهدنا عن الدنيا الزائلة إلى الحياة الباقية بكلّ عزةٍ و شموخ و إباء ، رحل عنها و قد أذاق العدو درساً جديداً في المقاومة ، و علّمه أنّ شعبنا لن تلين له قناة في جهاده و تصدّيه لهم ، و أنّ شعبنا و مجاهديه لن يألوا جهداً في ابتكار أساليب و وسائل جديدة في مقاومة المحتلين .

 

 

ماذا تعرف عن!
تصميم وتطوير: ماسترويب