قصة حمار
عدد القراءات: 2182
اعزائي: لا تقرأ القصة قبل فتح ملف الفيديو والصورة المرفقة
قصة حمار

 

بقلم: مواطن مجهول الهوية.... 

ترآى مشهده معلقاً أمامي فور استيقاظي، يا له من مشهد طريف وغريب، أشعر انني قد شاهدت هذا المشهد في مكان آخر، قد تكون الظروف والزمان والمكان والشخوص مختلفة، لكن المشهد متقارب ان لم يكن متطابقاً، سرحت قليلاً وانا لا ازال على فراش نومي وفكرت في هذا الحمار الذي تعلق في الهواء، تعلق بإرادة من يقودونه بينما قبل بلعب الدور الازلي للحمار، هذا الدور المتمثل بتنفيذ المهام والحراثة والعتالة ودفع دم القلب من أجل راحة القائد، هذا السيد الذي لا يكتفي بإستغلاله بل يقوم بضربه احيانا.

 

تذكرت أين رأيت هذا المشهد، لقد ذكرني هذا الحمار بوضعنا، ولماذا ندعي اننا مختلفون عنه! إننا مجموعة من القبائل التي تعيش في بعض المدن المتناثرة ويسيطر علينا اناس لا يختلفون كثيراً عن قائد عربة الحمار، يستغلوننا ويدفعون بنا الى صراعات لا ناقة لنا فيها ولا بعير، ويركبون على ظهورنا ونسير مبتسمين كالبلهاء.

 

ُترى ماذا يستفيد هذا الحمار من حمل ونقل هذه الكميات الضخمة من الاكياس! لماذا يتحمل كل هذه الاعباء الكبيرة! ولماذا ُيفرض على شعبنا التضحية بامواله وارزاقه وحياته وبيوته وابنائه لينعم قادته بالنعيم والراحة والتجارة بارواحه وقوت أطفاله! يعيش قادة الحمير، عفوأً، قادة الشعب، يعيشون في واقع بعيد عن الواقع واشكالياته، تقزمت القضايا الاستراتيجية والثوابت الوطنية امام لقمة العيش التي أصبحت حلماً للملايين الذين يعيشون في هذا القفص الكبير، بينما تتحدث قياداتنا عن قضايا لا نفهمها ولا نهضمها وليست على جدول اولوياتنا المعيشية.

 

يمارسون السياسة ويعقدون الاجتماعات منذ فترة طويلة من اجل تشكيل قيادة لجر هذا الشعب، يختلفون على من سيقوم بجر القطيع، يتقاتلون دائماً ويتفقون نادراً، ولكننا نبقى الاغلبية الصامتة التي لا تستطيع البوح بما ترغب به، يختلفون على المقاعد ويختلفون على الكعكة التي لم يبق منها شيئ ُيذكر بعد ان قام الاحتلال بالتهام معظم مساحة الوطن وترك لنا الفتات لنتقاتل عليه، تركوا لنا حكومة وسلطة منزوعة السلطة والهيبة، حكومة لا تستطيع عمل شيء، لا تستطيع تأمين الامن ولا فرض النظام. فما هي قيمة هذه الوزارات الوهمية وما قيمة أفراد الشرطة إن كانوا رجالاً من ورق!

 

قد لا يتغير قائد الحمار لسنوات طويلة، نرى أن الحمار قد تعود على تنفيذ اوامر هذا القائد، فهو يعرف ان العصا لمن عصا، لن يتأخر قائد عربة الحمار عن ضرب حماره بالسوط ان خالف اوامره، تعوّد هذا الحمار على التقيد الحرفي بتعليمات قائده، ولم يعد قادراً على الابداع او الاجتهاد ولا حتى على التفكير، الخير هو ما اختاره قائده.

 

نرى في الفلم الذي يعرض مشهد الحمار معلقاً قادة الحمار وهم يقومون بافراغ حمولته، يقومون بافراغها بسرعة، كأنهم يسرقون امراً ما، وهو مشهد مشابه لما يقوم به قادة الشعب من سرقة قوت يومه وتعبه ومعاناتة اليومية في كل مرفق من مرافق حياته، كما نرى الحمار، عفوأ، المواطن، وقد ذهب لعمله وقد ُمسحت شخصيته وأصبح مطيعاً لولي نعمته ومسبحاً بحمد سيده ومتكلاً عليه اكثر من اتكاله على الله.

 

شاخت هذه القيادة التي عفا عليها الزمن ، قيادة لم تستطع الخروج بنا من المأزق التاريخي الناجم عن الاحتلال، ولم تحسن قيادة هذا الشعب رغم انصياعه لاوامرها، لم تستطع ايصاله الى بر الامان، هذا لا يعني ان هذا الشعب كان متمرداً على قيادته يوماً، لا سمح الله، بل هو شعب مطيع ينفذ ما تشاء قيادته، تدعوه قيادته للتظاهر، فيتظاهر ويحتج، وتدعوه للرقص في الشوارع احتفالاً بتوقيعها اتفاقاً يبيع ما تبقى من الوطن، فيرقص بكل جوارحه، تفرض عليه قيادته قطع رزقة، فيصمت ويبقى عاطلاً عن العمل متسكعاً في الشوارع، لكنه لا يصرخ ولا يعترض، لقد تم تدجينه طيلة الفترة الماضية على عدم الاعتراض، الغريب هو أن زميلنا الحمار يصرخ حين يجوع ولا يتوقف عن النهيق الى ان يأكل، لكننا اصبحنا اكثر خنوعاً منه، اصبحنا نخاف ونخشى من السير في شوارع الوطن، حيث زاد الانفلات الامني عن مستوى قدرتنا على تحمله، ولكننا نصمت ونتحمل، جلدنا جلد آدمي وليس جلد حمار، أي اننا نتحمل أكثر. متى ستتوقف قيادة الشعب عن استنزاف طاقتة في معارك جانبية لا مصلحة له فيها، متى ستتوقف عن التغرير بشباب الوطن في خلافات وفتن لا تفيد سوى العدو! متى سنملك الجرأة ونصرخ حين ُتغتصب حقوقنا ونقول: كفى!

 

قد يتغير قائد الحمار احيانا، لكن الحمار نفسه لا يتغير، يبقى على ولائه وطاعته العمياء، لا يستغل فرصة للاطاحة بكل القيادات السابقة، ولا يبحث لنفسه عن قيادة من نمط آخر، قيادة تدرك ألمه ووجعه. لا يفكر هذا الحمار بقطع قيوده وكسر اغلاله، ويكتفي بالقبول بدوره الذي رسمته له الاقدار، فالتمرد على قائده من المعاصي التي لا تجوز في عرف الحمير، والطاعة العمياء هي الفضيلة الوحيدة المطلوبة.

 

شعبنا اسير ومعلق في الهواء، لا يعرف شيئاً عما ينتظره، لا يعرف اذا كانت قيادته ستجلب له السلام ام ستجلب له المزيد من التشريد والتهجير والدماء والدمار، لا يعرف هذا الشعب متى سينزل إلى الارض ومتى سيصعد الى السماء، رأينا كيف قام قائد الحمار بإنزاله الى الارض، رأينا كيف فرحت اقدامه بملامسة الارض، ولكن، هل يحق للقائد التحكم بمصير هذا الحمار! لماذا لا تتم محاكمة قائد الحمار على انتهاكه لحقوق الحيوان! سؤال سخيف اساله لنفسي، قد تكون اجابته متضمنة في سياق حديثنا، ستتم محاكمته عندما تتم محاكمة قادتنا، يا لهذا الشعب الذي لا يعلم شيئاً عن مصيره.

 

 

الى اين نسير في ظلمة هذا الدرب العسير! لا نرى بصيصاً من النور في نهاية هذا النفق، فهل لنا من قائد يقلب المعادلة! ام اننا يجب ان نقلب المعادلة بأنفسنا! وهل يستطيع الحمار التخلص من قائده طالما بقي معلقاً في الهواء!

 

لا يستطيع حمارنا السير طالما بقيت العربة ملتصقة بالارض ، مشهد نراه كل يوم في حياتنا اليومية منذ عام تقريباً، لا نستطيع السير في علاقاتنا مع المجتمع الدولي ولا مع امتنا العربية ولا مع أنفسنا طالما بقيت هذه القيادة ملتصقة بالارض، او بالاحرى طالما بقيت جالسة على البلاطه، لا تملك ما تقدمه لشعبها من حلول، لم تستطع هذه القيادة الجديدة تحقيق الحد الادنى من الامال المعقودة عليها، ُترى، هل يحق لها الاستمرار بالبقاء على الارض وهي تربطنا معها في مصيرها! لماذا لا تقوم بقطع الروابط الرسمية والسياسية بيننا وبينها لتتركنا ننطلق، سنكون سعداء ان تركتنا هذه القيادة والقيادة التي سبقتها، سنكون سعداء بنفس مقدار سعادة الحمار الذي نزل الى الارض بعد ان بقي معلقاً في الهواء، سننطلق ولن ننظر خلفنا، لن نرغب بالنظر اليكم، فلم نذق طعماً للحياة على أيديكم، لم يختلف عصركم عن عصر من سبقكم، فكلاهما بغيض وكلاهما حمل الكثير من المآسي والمعاناة لنا ولشعبنا، أرحلو عنا، دعونا وشأننا وسنعرف كيف نقود انفسنا، لن نقودها باسلوب القطيع الذي استعملتوه معنا بل سنقودها جميعاً.

 

أضف تعليق
تغيير الصورة
تعليقات الزوار

1

عوني أبو زنط، نابلس - فلسطين
أنا بدي أشكر صاحب القصة الرائعة التي بالفعل تعكس واقع حالنا ونقول لزعمائنا وامتنا متى سوف تستفيقوا يا نيام

2

اللي كتب المقال، ما تبقى من فلسطين
انا يا جماعة عبرت عن مشاعري وانا بشوف هالبلد كل مالها بتمشي من سيء لاسوأ، حبيت اصرخ، بلكي بصحوا اصحاب الضمير، بس اذا حد بعترض على المقال، ما يزعل، بنشيلو مباشرة، ولا يهمكم، كل شي ولا زعلكم، اصلا ما ضل بالوطن اللي نموت عشانه، بالماضي كانت الناس تضحي عشان الوطن، هلا ما ضل في وطن، ضللت شوية مصالح هنا وهناك والحمد لله انا ما الي مصالح بهالوطن غير اني بحبه وحابب لما اموت اموت فيه، الله يهديكم

3

جهاد، فلسطين
كن دائماً أشبه حالنا (الشعب الفلسطيني) زي الفلسطيني يلي عم يشجع مباراة غولف بين اتنين مش عارف أسمائهم, يعني مش فارقة معنا مين بفوز وشو بصير وهينا عم نتفرج بدون ما نعمل اشي, بس بعد ما قرأت المقالة بدي أضطر للأسف أوافق الكاتب...لأنو صرنا عم ننضرب ولسانا عم نتفرج...امتى بدنا نرفس؟ أو حتى نحس ونتوجع؟

4

Abu Al_Nimer، Nablus,Palestine
I hope that all of our local leaders can give a little of their time. It's ok, we can live three minutes without seeing you on the TV, just read this because the people will not be the donkey forever, sooner or later they will get rid of both of you... This is my advice, take it or leave it.

5

شب بحب بلده، من هل البلاد
دايما في امل ... دايما في امل ؟؟؟ دايمل في امل !!! هذه حياتي, وهذه بلدي, ولكن دائما هنا في بلدي اليوم السابق افضل من اليوم القادم, وهنا نحن نتقدم في عمرنا ونتراجع في حيانتا, هي غلطة من ؟ غلطتي ام غلطة شعبي أم غلطة الحمار. ما اصعب ما كتبت ايها الكاتب ,والاصعب انه ما نعيشه.

6

نابلسي، نابلس
لا حول ولا قوة الا بالله. شو بدو يحكي الواحد.

7

محمد، السعودية
للأسف ان ماكتبه ألأخ هو الواقع الذي يعيشه شعبنا وسيبقى كذلك مادمنا خانعين

8

ناصر، نابلسي الاصل والعيشه بدبي
منظر كتير حلو بس الرجال الي بحمل بظاعه ع الدابه غبي
تصميم وتطوير: ماسترويب