هاني العقاد - قائد كتائب المقاومة الوطنية - رجل بمائة رجل
عدد القراءات: 9186
- المشهد الأخير للشهيد هاني العقاد-
- "أمي لقد حوصرنا تماماً، أريد أن أودعك.. انتبهي لنفسك.
- يا بني سلّم نفسك، أسير ولا شهيد..
– لست أنا من..."
كانت هذه المكالمة الأولى "لهاني العقاد" في الساعة الرابعة فجراً من صباح يوم الأربعاء الموافق 15/9/2004.
- "آسف أنا يا أمي فقد جرحت وقد نفذت ذخيرتي، تمني لي الشهادة".
- يا رب دعه يحصل على ما يريد.."
المكالمة الثانية والأخيرة بين الشهيد ووالدته في السادسة فجراً من صباح ذات اليوم.
والتسعت الأم بقلبها، ها هي اللحظة المنتظرة، وكانت على موعد قديم معها، فبكرها هاني أحد المطلوبين المطاردين حسب قوائم الشيطان، لقد جاؤا محملين بعلبهم المجنزرة تغطيهم الأباتشي وارتال من الجنود المدججين، لقد أعدوا عدتهم لمعركة القضاء على إرادة خمس رجال لا ينامون بعد أن ضاقت الارض بما رحبت، يعدون نفسهم بصيد مهم، لقد وعدوا بترقيات وبنياشين وجوائز الحرب الاستباقية، لذلك ففي طريقهم قتلوا الطفلة مرام النحلة والصبية "إبريزة الميناوي" للخلاص من شهادتين سجلتا وقائع حرب غير متكافئة، والطريق طويل طويل، فقد حمّلهم مجلس الحاخامات فتوى مغمسة بالدم، وبقدرة مجلس "يشع" أصبح الملايين على قوائم المطلوبين والمطاردين للدولة المارقة، الجريمة نموذجية بتغطية كاملة, فقد أصبح دم الفلسطينيون جميعاً محللا لديهم وفق مبدأ الفتوى "من يقم لقتلك عليك أن تسارع بقتله"، وقد أعطاهم مجلس حاخاماتهم أيضاً المبررات المجنونة لمزيد من التوغل في الدم ، عندما توقدت أذهانهم عن نصيحة موجهة للعقلية العنصرية" أن لا حاجة ولا فائدة من انتظار المهاجم حتى يبدأ هجومه بل يجب استباقه ومنعه من تنفيذ مآربه",رغم أنه لا يفتى وشارون في المدينة , الا انه سر بها كمؤشر لتحقيق الاجماع الدموي خلف قيادته " فالفلسطيني الجيد هو الفلسطيني الميت".
تحركت الأم صوب المكان، تحركها بوصلة الرحم والحليب، فالمشهد لديها لم يكتمل بعد، وموعدها مع الإكليل العابق قد أزفّ، وكل حياة في نابلس تنتظر وعد الموت، لقد انبأها بذلك صوت أذان الفجر وعصافير الشجر ورائحة الخريف في أيلول، هي تعرف المكان لقد دلّها ولدها عليه في مكالمته الأولى، لم يعد لديك أسرار تخفيها عن أمك.. أين خبأت وكيف استطعت أن تخفي أسرارك الكبيرة أيها الشقي.. كيف لم تبلغني عن أهزوجتك الأخيرة، لم أعودك أن تخفي أسرارك عني، لقد ربيتك كل شبر بندر بعد أن يتمتك الدنيا طفلاً، تسرع الخطى فهاني لا يجيب على هاتفه، والمشهد لديها لم يكتمل، تريد أن تكون أول الواصلين لتراه وتختبر صحة أحلامها التي رسمت بغموض المشهد الأخير، لقد تدربت على ذلك الحلم كل ليلة وخاصة بعد فتوى مجلس "يشع" "أن دم اليهود أولى من غيرهم"، قد تجده جريحاً، تحترق بالفكرة وتتوجع، لن يتركوا به نفس ينبض، لم يحصل هذا في نابلس من قبل، وتتذكر أن هاني قد أبلغها بأن جنرالاً جديداً تعين حديثاً في نابلس قد وضع خطة محكمة ينجح من خلالها بما عجز الآخرون عن تحقيقه، وهو ماضٍ بتنفيذها، لقد سمى خطته الشيطانية "نابلس نظيفة" كاسم اعلامي "لنابلس مستسلمة"، تصل الأم لتجد أن نابلس قد سبقتها إلى "حاكورة" الشهادة، وكان الشهداء لا زالوا مكانهم لالتقاط الصور التذكارية، كان هاني ممدداً معهم تحت شجرة الياسمين يحتضن بندقيته، وندى الصباح يغطي جبهته وقد خرجت من فمه زهرة نرجس، اكتمل المشهد j تماما كما رأته بحلمها.. وكان مشهد صلاة وقدسية، إنه مشهد عزوكبرياء.
أضف تعليق
تغيير الصورة
تعليقات الزوار
تصميم وتطوير: ماسترويب