أثر جدار الفصل العنصري على طلبة جامعة النجاح الوطنية
عدد القراءات: 7998

 

دائرة العلاقات العامة

 

في هذا التقرير، قمنا بجمع بعض الشهادات الخاصة بطلبةٍ من جامعة النجاح الوطنية، هؤلاء الطلبة الذين يعانون من المشاكل المالية الناجمة عن مصادرة أراضي ذويهم، كما حاولنا التركيز من خلال هذا التقرير على أثر بناء جدار الفصل العنصري على المسيرة الاكاديمية لطلبة الجامعة، هذا الجدار الذي يمثل خرقاً فاضحاً لكافة المواثيق والاعراف الدولية التي تمنع إدخال تغيرات ديمغرافية او جغرافية على الاراضي المحتلة.

 

 خالد سلمان

كلية القانون/ سنة رابعة.   

قرية سلمان/ قلقيلية

 أسكن في قرية فلسطينية تقع في منطقة قلقيلية، وُتدعى قرية سلمان، وُتعتبر هذه القرية المجاورة لخط التماس من أكثر القرى المتضرره من بناء جدار الفصل العنصري الاسرائيلي، هذا الجدار الذي يمتد على طول الحدود الغربية والجنوبية للقرية، لقد أصبحت معظم الأراضي الخصبة والمروية خلف الجدار العنصري، وأصبحت تلك الاراضي السهلية المزروعة بالقمح، وغيرها من الأراضي المزروعة بالزيتون والحمضيات بعيدة عنا رغم قربها الشديد.

  صادرت سلطات الاحتلال الاسرائيلي حوالي إثنين وأربعين دونماً من الأراضي المروية، وحوالي ثلاثة وعشرين دونماً من الأراضي الجبلية المزروعة بالزيتون، وخزان ماء تصل سعته الى ثمانين متر مكعب، واثنين من البيوت البلاستيكيه، ناهيك عن منعنا من الاقتراب من الاراضي المجاورة للسور من ناحية البلد، إذ ُيعتبر هذا السور مكتمل البناء، كما وُيمنع أي مواطن ٍ، بما في ذلك والدي، من الدخول الى أراضيه الواقعة داخل السور. 

 

تتكون أسرتنا من إثني عشر فرداً، تزوج ستة منهم،  ويعيل والدي الان طالباً في الجامعة واخرَ في المدرسة، والذي سيدخل الجامعة في العام المقبل، بالاضافة الى ستة ٍ آخرين، كنا جميعاً نعمل في تلك الاراضي التي تمت مصادرتها، وخاصة أخي الاكبرالذي خسر بيتاً بلاستيكيا للزراعة، ليصبح عاطلاً عن العمل، إذ لايستطيع الذهاب الى مزرعته، وان استطاع الذهاب يوما، فإنه لا يستطيع في اليوم التالي، الامر الذي أدّى الى جفاف المزرعة، ويعيل أخي هذا خمسة أطفال، معظمهم يدرسون في المدرسة، وله ولدان معاقان، لم يستطيع  أن يدخلهم الى مدارس خاصة بالمعاقين نظراً لضيق ذات اليد.

وبالنسبة لأخوتي المتزوجين، فقد كانوا يعملون مع والدي في أرضنا المصادرة، ولكنهم لا يستطيعون العمل الآن في تلك الاراضي، وهم مضطرون للعمل داخل اسرائيل، وينامون في أماكن العمل بعيداً عن أسرهم، وتواجههم مشكلة عدم إتقان أعمال البناء، إذ أنهم مزارعون أصلاً، لذلك، فهم مضطرون للعمل عند أرباب العمل الإسرائيليين   بأجور زهيدة.

 ويعتبر والدي المتضرر الحقيقي في هذا الموضوع،  فهو من أكثر المتضررين جراء بناء هذا السور، ويبلغ والدي الثانية والستين من العمر، ويعتمد والدي بصورة كلية في دخله على ايرادات تلك الأراضي التي تمت مصادرتها، لقد كان دخله جيداً جداً، ولم نكن في عوز لأي شيء، بما في ذلك انا الذي أدرس في الجامعة، حيث كان والدي يدفع أقساطي الجامعية بيسر وسهولة.

 أما الان، فإنني أخبره قبل أكثر من شهر بحاجتي للاقساط الجامعية، وذلك كي يستطيع ترتيب أموره المالية من أجل أن يدفع لي القسط الجامعي، وأعاني الان من ُشح في مصروفي الجامعي، وأعاني حالياً من الفرق الكبير بين ما هو عليه الوضع الراهن، وبين ما كان عليه في السابق، وكثيراً ما تقع المشاجرات العائلية عندما أطلب منه أجرة السكن أو المصروف الشهري، وتزداد المشاجرات حين يقول لي أن لديه أبناءً غيري يتوجب عليه الانفاق عليهم، بالاضافة الى مصاريف البيت والماء والكهرباء والعائلة والدواء، الامر الذي يفرض عليّ التقشف قدر الامكان في المصاريف، وذلك للتخفيف عن والدي، كما أضطر للعمل أحياناً في الاجازات كي أستطيع أن ألبي حاجاتي الشخصية على الاقل، لقد كان معدل مصروفي الاسبوعي 250-300 شيكلاً، أما الان، فهولايتجاوز 70- 80 شيكلاً.

انه فرق حقيقي وذلك بسبب إنعدام الدخل، أو بالاحرى توقفه كليا عن والدي، حيث يعتمد والدي الآن على ما ادخره في السابق، أي قبل مصادرة أراضينا، مصدر دخلنا الوحيد.

لم يبق من اراضينا الا دونمين إثنين داخل البلد، وهما غير صالحين للزراعة المروية، ولا يصلحن إلا  للبناء، وأصبح والدي غير قادرٍ على التسجيل لأداء فريضة الحج، أو حتى مساعدة شقيقي على الزواج والذي خطب فتاة من قريتنا قبل ثلاث سنوات.

 كنت أذهب مع أصدقائي الى اراضينا التي تمت مصادرتها،  كنا نقضي أيام الاجازة فيها، كانت أياماً جميلةً وشيقةً، كنا نصطاد الطيور ونقضي أوقاتنا في اللهو واللعب، أما الان فلا أجد مكانا أذهب اليه، فأبقى قابعاً في المنزل، أو أجلس على سطحه أحيانا، علماً أن جلوسي على سطح المنزل أصبح ممنوعاً، حيث تمر دورية إسرائيلية كل بضعة دقائق، وتمر قوات من جيش الاحتلال الاسرائيلي بمحاذاة السور، ويأمروننا بالنزول من على سطح المنزل، كما يقومون بتفتيش المنزل والعبث به في حال رفض المواطنون النزول من على سطح المنزل.

أتحسرعندما اشاهد أشجار الزيتون التي رعاها والدي، وزرعها جدي قبل أن أولد، تلك الاشجار التي زرعها قبل أربعين عاماً، فوالدي يذكر الاشجار كما يذكر ابناءه، وعادةً ما يقول لنا: هذه الشجرة من عمر فلان، وتلك من عمر فلان، وهذه من النوع الفلاني..الخ،  لم يبق له سوى الذكريات والحسرة على ما فات.

منذ الشروع في إقامة هذا الجدار، ووالدي يقف فوق أرضه ليتشاجر مع العمال، ويتحسر على أرضه التي ورثها عن أبيه وأجداده.

من الواضح لكل من يرى هذا الجدار الفاصل أنه لا يهدف الى تحقيق الأمن لإسرائيل، بل يهدف الى مصادرة المزيد من الأراضي الفلسطينية، وضم أكبر عدد ممكن من المستوطنات الى اسرائيل، والمشهد الجغرافي يدل على ذلك، وانا شخصيا أؤكد أن ما جرى لقريتنا ما هو الا إحدى الخطط الاسرائيلية لتهويد الاراضي الفلسطينية،  وترحيل سكان هذه القرى ترحيلاً طوعياً، فماذا سيفعل صاحب تلك الأرض؟ سيبحث عن رزقه في مكان آخر، وهذا هو الهدف الاسرائيلي.    

 

زهراء عابدين

كلية الآداب

قرية مسحة/ محافظة سلفيت

أنا طالبة من قرية مسحة، تلك القرية التي إبتلع الجدار الفاصل أراضيها الخصبة والتي يعتمد اهلها على ما تنتجه الارض من ثمار إعتمادا مباشراً، لقد صادرت سلطات الاحتلال الاسرائيلي مساحات واسعة من الاراضي القريبة من الجدار، واقتلعت منها أشجار الزيتون واللوز لتبقى مكشوفةً خوفا من اقتراب اي فلسطيني من الجدار، مما شكل ضررا كبيرا لمعظم الأسر التي فقدت أراضيها.

يبلغ عدد أفراد أسرتي ثمانية أفراد أنا أكبرهم، أربعة منهم من طلاب المدارس، ويعيش جدي معنا، وهو يعاني من أمراض كثيرة، ويحتاج الى أدوية كثيرة، عمل أبي دوماً في زراعة الارض والعناية بالأشجار المزروعة فيها، كأشجار الزيتون واللوز والحمضيات وغيرها، ووقع عليها الإعتماد المباشر في الحصول على الدخل الشهري ، وذلك مما تنتجه الارض من خيرات، والتي كنا نبيعها في المواسم، كموسم قطف الزيتون، حيث اعتمدت مصاريف الاسرة عليها، تلك الاموال التي يحصل عليها أبي من بيع زيت الزيتون وغيره من الثمار، وذلك بعدما يترك للبيت حاجته من الزيت، تلك الاموال التي عادة ما تكفي لتغطية مصاريف الاسرة ومصاريف المدارس والادوية لجدي المريض، لقد كنا، والحمد لله، لا نحتاج لمساعدة الاخرين.

و لكن لم يبق الحال على ما هو عليه، فبعدما صادرجيش الاحتلال الاسرائيلي خمسة وأربعين دونماُ من الارض لاقامة الجدار الفاصل الذي يمر في أرضنا، لم يبق لنا سوى أمتار قليلة، ويمنعنا الاحتلال من الاقتراب منها.

اما عن الوضع الاقتصادي للأسرة، فقد أصبح سيئاً، خاصة بعد زوال المصدر الرئيسي للدخل، وأصبح أبي عاطلا عن العمل بعدما أخذ العمل كل وقته، أما الآن فهو يعمل في البناء لمدة يوم أو يومين في الأسبوع، وأصبح الدخل الشهري للأسرة لايتجاوز الخمسمائة شيكل فقط، ومصاريف الأسرة أكثر بكثير من هذا المبلغ، فهل ستكفي المصاريف للأسرة من ماء وكهرباء وكتب ودفاتر وأقلام وحقائب!  أم ستكفي لأدوية جدي ومصاريف الأطباء! أم هي لأقساط الجامعة! ذلك كله يجب توفيره من خمسمائة شيكل فقط .

ولتوفير بعض احتياجات الأسرة، تزرع أمي بعض المزروعات في حديقة البيت، هذه المزروعات التي تساعد في سد حاجة البيت من هذه الثمار، كما تعمل على آلة الخياطة وتقوم بتفصيل بعض الملابس، لقد تعلّمت من جدتي  بعض المهارات الأساسية في الخياطة، وبالتالي، تساهم والدتي في قسم بسيط من المصاريف.

وأحس أخي الذي يدرس في الصف الأول الثانوي بصعوبة الوضع الاقتصادي في البيت، فذهب للعمل بعد الإنتهاء من دروسه اليومية، إذ يعمل في محل عمّي لتوفير ثمن الكتب والدفاتر، الامر الذي أدى الى تشويش في تحصيله الدراسي، إذ أصبحت مساعدة أبي في مصاريف البيت همه الوحيد.

أما بالنسبة لي، فإنني أحاول قدر الإمكان الحد من نفقاتي، حيث انخفض معدل نفقاتي الشهرية الى مئتين وخمسين شيكل شهرياً، مما يدفعني لنسخ الأبحاث والتقارير بخط يدي، وذلك لعدم قدرتي على مصاريف تصويرها وطباعتها على الحاسوب .

أما بالنسبة لقسط الدراسة الجامعية، فقد تم توفير القسط الأول بشق الانفس، بعدما استلف أبي قسما منه من أصدقائه، كما قد أضطر لتأجيل الفصل الدراسي الثاني بسبب عدم توفر القسط، فمن الغني عن الذكر أن توفير مصاريف الأسرة من طعام وشراب يتم بشكل صعب جدا، فكيف بتوفر قسط كامل .

وكان أخوتي يذهبون للأرض في العطلة الصيفية لقضاء وقت فراغهم وتناول بعض الوجبات في رحلاتهم، أما الآن فإنهم يقضون عطلتهم في البيت، هذا كله بسبب حرمان أسرتي وبقية الأسرمن مصدر رئيسي للدخل، إذ أصبحوا عاطلين عن العمل، بعدما كانت الأرض تشكل مصدر رزقهم الوحيد.

 

مها سفيان

كلية العلوم/ سنة رابعة

قرية فرعون/ مدينة طولكرم.

أنتمي لأسرة تعيش في قرية فرعون قضاء طولكرم، وهي إحدى قرى مدينة طولكرم، بالاضافة الى كونها من أكثر القرى التي تضررت من إقامة الجدار الفاصل، حيث التهم الجدار معظم أراضيها، ومن المعلوم عن قرية فرعون أنها تتميز بأراض ٍ خصبة صالحة لزراعة مختلف المحاصيل،  حيث تنموالمزروعات فيها في فترة زمنية أقل من أية قرية أخرى،  وإحتجاجا على هذا الوضع، فقد خرج أهلها  في مظاهراتٍ لتأكيد رفضهم لبناء جدار الفصل العنصري الذي يصادر أراضيهم، لقد تضرر أهل قريتي تضررا كبيرا، خاصة أن الجدار قد مرّ من منتصف البيوت، مما أدى إلى تدميرها، وهكذا أصبح أهالي تلك القرية دون أرض أو مأوى.

أما بالنسبة لوضع أسرتي فهو كباقي الأسر، إذ تتكون أسرتي من تسعة أفراد،  ولي أخ وأخت في الجامعة، ويعمل أبي معلماً في احدى مدارس القرية، كان دخلنا الشهري كافياً، ذلك الدخل القادم من المنتوجات الزراعية، حيث كان أبي يبيع الزيت في موسم قطف الزيتون، وكان في وقت فراغه يزرع محاصيل كثيرة،  مما يساعد في توفير احتياجات الأسرة، كان بالإمكان كذلك توفير أقساط الجامعة في الوقت المحدد،  ولكن، وبعدما استولى جيش الاحتلال الاسرائيلي على أراضينا، فقد أبي خمسة وثلاثين دونما من الأرض، فأصبحت الظروف المعيشية للأسرة صعبة للغاية، إذ أن دخل المدرس غير كاف لتوفير الحاجات الأساسية للأسرة، فكيف بتوفير أقساط جامعية لثلاثة طلاب وتوفير مصاريفهم الخاصة.

كان المصروف الشهري لأخي في الجامعة ستمائة شيكل، ولكن، وبعد فقدان مصدرٍ مهم من مصادر الدخل، أصبح مصروفي الشهري ثلاثمائة شيكل شهريا, أما بالنسبة لي ولأختي، فقد كان مصروفنا الشهري ثمانمائة شيكل،  ولكنه تناقص حتى أصبح خمسمائة شيكل،  وأصبح توفير الأقساط أمراً صعباً، وسبباً رئيسياً للمشاكل العائلية، بالاضافة الى النقاش الحاد في الأسرة حول المتاعب المالية، وذلك بسبب عدم إمكانية توفير الأقساط في وقتها المحدد، مما جعل أخي يعمل في العطلة الصيفية لتوفير قسطه ومصروفه، كما تعمل أختي أيضا في أحد صالونات التجميل لمساعدة أبي في الأقساط والمصاريف المنزلية.

وهكذا فإن توفير القسط الجامعي لا يتم بسهولة مع الاعتماد على القروض التي تقدمها الجامعة، وما أن يأتي فصل جديد حتى وتأتي معه الحيرة في كيفية تدبير القسط الجامعي. 

 

 أمجد محمد حسين

كلية القانون

 قرية برطعه الشرقية/ قضاء جنين

 كانت الاراضي التي تملكها عائلتي قبل بناء الجدار الفاصل تتجاوز السبعين دونماً، قسمها الجدار إلى قسمين،  وتقدر مساحة الارض التي صودرت بسبب بناء الجدار بحوالي ستة وخمسين دونماً، وبقي لنا اربعة عشر دونماً فقط، وقد كانت مزروعة بالزيتون، وأصبحت غير مزروعة الآن بسبب مصادرتها.

قام جيش الاحتلال الاسرائيلي بقطع الاشجار الموجودة في الاربعة عشر دونم المتبقية لنا، وذلك تحت ذريعة حماية الامن الاسرائيلي، والحفاظ على السور، وبذلك لم يبق لدينا شيء من الارض.

يدرس أخي الكبيرُ العلاج الطبيعي في الجامعة العربية الأمريكية في جنين، كان يذهب ويعود كل يوم إلى المنزل دون متاعب، ولكن، وبعد بناء الجدار، أصبح لا يستطيع زيارة الاسرة إلا مرةٍ واحدةٍ كل شهر أو شهرين، لم  نواجه متاعب مالية في الماضي، ولم نكن نعاني من مشاكل في توفير الاقساط الجامعية وذلك بسبب وجود الأراضي التي تغمرنا بخيراتها، بالاضافة الى وجود محلات تجارية لعائلتي، ولكن، وبعد بناء الجدار الفاصل، صودرت أراضينا، واقتلع جيش الاحتلال الاسرائيلي أشجارنا المثمرة.

أما بالنسبة للمحلات التجارية، فلم نستطع شراء البضائع من المناطق التي تقع خلف الجدار، ولا من المناطق التي تقع داخل الضفة الغربية، لذلك قمنا باغلاق المحلات التجارية، أما والدتي، فقد كانت تذهب إلى القرى المجاورة قبل بناء الجدار، وذلك للعمل في التدريس، ولكنها أضطرت لترك العمل نظراً لإستحالة الذهاب إلى تلك القرى كل يوم.

لم اواجه مصاعب مالية في السنة الاولى لدراستي في الجامعة، بل كانت على أفضل ما يكون، وكذلك الحال بالنسبة لأخي، ولكن لم يبق لنا الآن سوى دخل أبي الذي يتقاضاه من التعليم.

درست القانون كي أصبح محامياً، وكانت لأهلي القدرة المالية على القيام  بإستئجار مكتب لي في مدينة جنين، كنت أرى المستقبل جميلاً، أما الآن، فلا أدري ماذا يخبىء لي هذا المستقبل، وذلك لاستحالة الذهاب كل يوم الى جنين،  وكذلك بسبب الوضع الإقتصادي الذي لا يمكنني من العمل في المحاماة، والذي لا يمكّنني من إكمال دراستي الجامعية.

هذا هو وضع عائلتي، ولكن بالنسبة لما أراه من وضع أهالي القرية جميعا، فإنني أرى انني لا أعاني مقارنةً بما يعانونه، فهنالك الكثير من العائلات التي تعتاش فقط على هذه الأراضي الزراعية التي فقدتها، ولم يبق لها أي معيل سوى الله.

الكثير من العائلات فقدت أعمالها بسبب بناء هذا الجدار، لقد أصبحنا معزولين عن العالم، لم يبق للناس معيل سوى الله سبحانه وتعالى.

كنا ُنسرّ من المواسم الزراعية، وخاصة بعد هطول الامطار، أما الآن فلا نشعر بالسعادة طالماً أننا لا نستطيع جني الثمار من أراضينا، أصبحت ذكريات الشتاء والامطار مناسبة للألم، نتذكر الماضي ونتحسر عليه ونتمنى أن يعود، ويزداد ألمنا عندما نرى الثمار بعيدةً عن متناول أيدينا.

لم أكن أفكر في المتاعب المالية قبل بناء الجدار، كنا نحصل على ما نريد من إحتياجاتنا بيسر، وكذلك بالنسبة للاقساط الجامعية، لقد كانت أسرتي قادرةً على تأمينها، كنت أحصل على مصاريفي الشهرية دون متاعب تذكر، أما الآن فقد أصبحت الحياة سقيمة والظروف صعبة للغاية، وأعتاش الآن على أقل من نصف معدل المصروف في مرحلة ما قبل بناء الجدار.

لجأت للحصول على القروض الجامعية من الجامعة ومن مراكز الخدمات الاجتماعية، وبعد أن استطعت الحصول على القرض المالي، بدأت بالتفكير بتدبير مصروفي اليومي، والذي أصبح عبئاً كبيراً هذه الايام.

 كنت أقف على سطح المنزل قبل بناء الجدار، وكنت أعشق رؤية الغروب من وراء تلال أراضينا، كنت أراها جميلة متألقةً، أما بعد بناء الجدار، فإنني أقف على سطح المنزل لاتذكر تلك الأيام، وأشاهد ما تفعله آليات الاحتلال من إعتداءات وقلع للاشجار، ولكن المصيبة اكتملت بعد استكمال بناء الجدار، اذ أصبح الجلوس على سطح المنزل ممنوعاً تحت ذريعة سلامة الجدار وما وراءه.

 لقد أصيبت جارتنا بعيار ناري من مستوطنة مجاورة بينما كانت تقوم بنشر الملابس على سطح منزلها، لقد أصبحت حياتنا جحيماً، وتزداد المأساة في الاعياد، إذ كنا  نذهب مشياً لزيارة الاقارب، أما الآن، وبعد بناء الجدار، فلا نستطيع الذهاب لزيارتهم، وذلك لوجودهم في مناطق تحتاج الى الحصول على تصريح للدخول والخروج منها، هذا فضلاً عن الخضوع للتفتيش الذي يستغرق ساعات طويلة، لقد تضررت الروابط العائلية جراء بناء جدار الفصل العنصري، وأصبحنا لا نستطيع زيارة بعضنا بعضنا، وأصبحت لا اذهب لزيارة اهلي سوى في نهاية الفصل الدراسي.

 

********************

 

تم طباعة هذا المقال من موقع مدينة نابلس الالكترونية: واجهة نابلس الحضارية على شبكة الانترنت (nablus-city.net)

© جميع الحقوق محفوظة

(طباعة)