موقع مدينة نابلس الالكترونية يتغيّر
زوار موقعنا الأعزاء!
لعلكم تلاحظون أن الموقع يتغير وأن العديد من الزوايا قد تم الغاؤها، وأن التركيز أصبح أكبر على المحتوى، لأن الغرض من موقع مدينة نابلس الالكترونية هو تقديم المحتوى المتقدم عن المدينة، فقد قمنا بحجب الكثير من المحتوى الغير منظم ويجري حالياً مراجعة كامل المحتوى وسيتم نشره تباعاً حسب وفرة الوقت للمحرر.

مدير ومؤسس الموقع: م. سامي الصدر

مقال اليوم
الشهيدة سعاد جود الله : جادت بابنها في سبيل الله و لحقت به بعد ثلاثة شهور

 

الشهيدة سعاد حسن صنوبر - جود الله "أم محمد" مثالٌ حيّ للأم المجاهدة الصابرة .. و عندما يسمع الإنسان سيرة حياتها يدرك تماماً أنّه يقف أمام واحدةٍ من أحفاد الصحابيات المجاهدات أمثال خولة و الخنساء و نسيبة المازنية .. فقد عاشت سني حياتها الست و الأربعين مجاهدة مؤمنة صابرة .. ربّت أبناءها على حبّ الدين و الوطن و الجهاد .. و زرعت في نفوسهم مفاهيم العزة و الكرامة .. فأنبت جهدها ثمرة طيبة .. و آتى زرعها أُكُله أحياناً كثيرة .. فكان ابنها الشهيد المجاهد أحمد الذي سبقها بثلاثة أشهر إلى جنان الخلد بعد أنْ أذاق العدو ألوان العذاب .

 

المولد و النشأة :

وُلدت الشهيدة المجاهدة سعاد صنوبر في مدينة نابلس بتاريخ 24/4/1956 و نشأت في بيت علمٍ و دين ، و عُرِفت بذكائها الوقّاد .. و قد أكملت دراستها لتحصل على شهادة الدبلوم في المحاسبة .

تزوّجت شهيدتنا عام 1978 من السيد الفاضل "محمود خليل جود الله" فكانت مثالاً للزوجة الصالحة .. و قد رزقت بخمسة أبناء هم محمد (24 عاماً) ، و أحمد (22 عاماً) ، و عبد الله (20 عاماً) ، و أنس (13 عاماً) ، و ياسر (11 عاماً) . و قد كابدت أمّ محمد هي و زوجها ظروف المعيشة الصعبة ، و ضحّت بكلّ ما تملك من جهدٍ و مالٍ و مصاغ من أجل بناء بيتٍ مستقلّ لهما و لأبنائهما ، و ليؤمّنوا لهم مستقبلاً واعداً .

 

لم تكنْ الشهيدة سعاد أمّاً لأبنائها الخمسة فحسب .. بل إنّ الشهداء و المجاهدين من أصدقاء ابنها أحمد .. علاء مفلح ، و سامح الشنيك ، و أيمن الحناوي ، و غيرهم الكثير كانوا يعتبرونها أماً لهم .. إذ كانت تعدّ لهم الطعام ، و تودّعهم بالدموع و بالدعاء قبل كلّ عملية كانوا ينطلقوا لتنفيذها ضدّ العدو الغاصب .. فنالت بذلك لقب "أم الشهداء" .

 

و يغتال الصهاينة ولدها الحبيب :

كان أحمد أعزّ أبناء الشهيدة سعاد على نفسها و أقربهم إلى قلبها لما كان يغمرها ببرّه و حنانه و عطفه .. و لما كان يتمتّع به من جرأةٍ و شجاعة بالغة .. و كان يقول لها دائماً إنه لن يمكث في هذه الدنيا طويلاً ، فتجيبه الأم المؤمنة المجاهدة : "يا بنيّ .. إنّي قد وهبتك لله تعالى" .. و كانت توصيه قائلة : "بالله عليك يا أحمد لا تمت إلا ميتة مشرفة ترفع الرأس ، لا أريد أن أسمع أنك استشهدت أثناء تحضير عبوة ناسفة أو بعيارٍ طائش ، أريدك أن تستشهد و أنت تواجه المحتلين" .

 

و رغم انتماء الشهيد إلى حركة حماس منذ نعومة أظفاره و حتى يوم استشهاده .. إلا أنّ ذلك لم يمنعه من تنفيذ عملياته الجهادية تحت عدّة ألوية عسكرية .. فمرّةً مع الشهيد أيمن الحناوي تحت لواء كتائب القسام ، و مرة مع الشهيد علاء مفلح تحت لواء كتائب شهداء الأقصى ، و مرة مع الشهيد سامح الشنيك تحت لواء سرايا القدس ، و كثيراً ما كان ينفّذ عمليات مشتركة مع كلّ هذه الكتائب .

 

و قد تمكّن من قتل ما مجموعه سبعة جنود صهاينة و جرح العشرات في أقلّ من عامين من عمر انتفاضة الأقصى ، و كان من أبرز عملياته قتل جنديين في إحدى البنايات وسط مدينة نابلس بتاريخ 30/9/2002 .

و في 27/10/2002 قامت وحدة خاصة في جيش الاحتلال باغتيال الشهيد أحمد و أخيه و رفيق دربه الشهيد علاء مفلح بعد يومٍ حافل بالعمليات الجهادية ضدّ المحتلين . و يذكر من كان في الموقع من المواطنين أنّ الشهيد أحمد قاوم ببسالة و أطلق النار من مسدسه باتجاه أحد أفراد الوحدة الخاصة فأصابه إصابة مباشرة في رقبته قبل أن يطلق الجنود النار عليه و يصيبوه . و تُرِك ينزف ، و كان بالإمكان إسعافه لولا أنّ جنود الاحتلال منعوا سيارة الإسعاف من التقدّم و أطلقوا عليه النار مرة أخرى لتفيض روحه الطاهرة إلى بارئها .

 

في هذه الأثناء علمت الشهيدة "أم محمد" عبر وسائل الإعلام بخبر استشهاد صديق ابنها علاء في عملية اغتيالٍ مدبرة ، فأدركت بأنّ ابنها أحمد قد أصيب أو اعتقل على الأقلّ .. هذا إذا لم يستشهد هو الآخر .

و تبكي الأم بكاءً حاراً .. فقد كان علاء بمثابة ابنها .. و لم تعلم بأنّ ابنها هو الآخر قد استشهد إلا بعد مرور بعض الوقت .. لتفجع باثنين من أبنائها .. أحمد و علاء . و قد حزنت الوالدة الحنون حزناً شديداً على فراق فلذة كبدها ، و كانت تقول لأبنائها بعد استشهاده : "لقد ذهب الغالي" .. غير أنّ الأم المؤمنة المجاهدة صبرت و احتسبت ذلك عند الله تعالى .

 

لقاء الأحبة :

و بعد استشهاد ولدها الحبيب أحمد ، تتلهّف الأم للقائه ، و كانت تقول : "إنّ أحمد مشغولٌ عني .. إنّه لا يأتيني في المنام .." .

و يكون اللقاء .. و يشاء الله تعالى أنْ يكون اللقاء بصحبة رفيق أحمد في الجهاد .. الشهيد القساميّ أيمن الحناوي الذي نجا بأعجوبة من محاولة الاغتيال التي استشهد فيها الشهيدين أحمد و علاء . ففي صباح يوم الجمعة 24/1/2003 تقع الشهيدة سعاد و ابنها عبد الله و الشهيد أيمن في كمينٍ مدبّر نصبه لهم جنود الاحتلال على حاجزٍ عسكريّ صهيوني عند المدخل الجنوبي لمدينة نابلس ، و يفتح الجنود الصهاينة نيران حقدهم الأعمى باتجاه السيارة التي كانوا يستقلّونها لترتقي أمّ محمد شهيدة برفقة الشهيد أيمن إلى جنان الخلد .

 

و يصاب ابنها عبد الله بجروح ، و يتمّ اعتقاله لدى سلطات الاحتلال و هو مصاب ، و لا يعرف مكانه حتى الآن ، علماً بأنّ سلطات الاحتلال لا زالت تنفي وجوده لديها ، فيما يؤكّد شهود العيان أنهم رأوا عبد الله في قبضة جنود الاحتلال .

أمّا الشهيدة "أم محمد" و الشهيد أيمن ، فقد احتجز جنود الاحتلال جثمانيهما لأكثر من ثماني ساعات ، ممّا تسبّب في تضارب الأنباء حول هوية الشهيدين ، و مما زاد من وقع المصيبة على الأهل أنْ سرت شائعات في المدينة تفيد بأنّ الشهيدين هما أم محمد و ابنها عبد الله .. إلى أنْ تمّ تسليم الجثمانين و تمّ التعرّف عليهما قبيل المغرب ، لتنطلق مسيرة حاشدة بعد المغرب تتحدّى حظر التجوّل المفروض على المدينة منذ أسبوع .

 

و تطوف المسيرة شوارع جبل النار ، و يهتف المشاركون فيها بالتكبير و الهتاف مطالبين كتائب القسام و باقي كتائب المقاومة بالردّ السريع ، و الانتقام لدماء الشهيدين . و يتمّ مواراة الشهيدة الثرى إلى جانب ابنها الشهيد أحمد .. ليكون اللقاء بالروح و الجسد . و ما إنْ سُجّيت في ضريحها .. حتى علت وجنتيها ابتسامة .. لعلّها كانت ابتسامة الفرح بلقاء ابنها ، و كانت مفتحة العينين ، رافعةً أصبع الشهادة .

 

حماس تتوعد بالثأر :

و قد أصدرت كتائب القسام بياناً تلى عملية الاغتيال الجبانة ، نعت فيه الشهيدة سعاد و الشهيد القساميّ أيمن الحناوي ، و أوضحت بأنّ الشهيد أيمن كان في مهمة جهادية قرب مستمرة "شافي شمرون" الصهيونية و أنّ الشهيدين وقعا هدفاً لكمينٍ نصبه لهم جنود الاحتلال . و توعّدت الكتائب الصهاينة بالردّ القاسي و السريع على هذه الجريمة النكراء .. مؤكّدة أنّ هذه الجريمة لن تمرّ بدون عقاب .

و قد أقامت حركة حماس للشهيدين حفل تأبينٍ حاشداً في البلدة القديمة في ختام أيام تقبل التهاني .. و رغم استمرار حظر التجوّل المشدّد على المدينة .. إلا أنّ آلاف المواطنين لبوا النداء ، و حضروا الحفل .

 

و في الحفل وقف الشيخ ماهر الخراز "أبو الطاهر" ممثّلاً عن حركة حماس ليخطب في حشود المواطنين ليشحذ الهمم .. و يتحدّث عن فضائل الشهادة و الشهداء .. و يحيّي الشهيدة سعاد و يستعرض بطولاتها ، و يعدّد تضحياتها .. و وصفها بخنساء هذا العصر .. و سليلة الصحابيات المجاهدات نسيبة بنت كعب و خولة بنت الأزور .

أمّا نجل الشهيدة الأكبر محمد .. فقد استذكر في كلمة العائلة مناقب أمّه الشهيدة و مواقفها المشرّفة ، و تعهّد بالسير على دربها .. درب الجهاد و المقاومة . و قد وقفت حشود المشاركين لترديد الأناشيد الحماسية ، حاملين ذوي الشهيدة على أكتافهم و طافوا بهم بين الجمهور الذي كان يهتف : كتائب .. كتائب ..

 

ماذا تعرف عن!
تصميم وتطوير: ماسترويب