الطبيب الجراح الذي كان مديرا للمستشفى الوطني بنابلس ولم يكن نابلسي الأصل ولا المولد , وحين جاء قرار نقله الى خارج نابلس , فضل الاستقالة والبقاء فيها وقال : ( نابلس بلدي وأحببت اهلها وأحبوني ).
ولد احمد سروري في القدس عام 1908 من عائلة تنتسب إلى الشيخ عبد الله ابن غانم احد قادة جيش صلاح الدين الأيوبي , والذي اتخذ زاوية على قمة من قمم جبل جرزيم في نابلس , تعرف بزاوية الشيخ غانم ,
وقد درس في مدرسة وكلية روضة المعارف الوطنية في القدس وتفوق في دراسته وتخرج منها في العام 1925 , والتحق بكلية الطب بالجامعة الأمريكية في بيروت في حوالي العام 1926 التي تخرج منها في الطب والجراحة بدرجة الشرف في العام 1932
عاد الى القدس وافتتح فيها عيادة خاصة في باب العمود وعمل بأقصى جهوده لمعالجة الناس ومسح آلامهم ولم تطل فترة عمله تلك حتى تم تعيينه مديرا لصحة جنين في العام 1933. وفي ايار 1934 تم تعيينه مديرا وجراحا في المستشفى الوطني في نابلس, وطوال سنوات عمله في المستشفى ومن خلال كفاءته وخدماته العلاجية العظيمة التي اتسمت بمستوى عالي من الإنسانية الراقية القائمة على المحبة, ارتبط بأهالي المدينة بعلاقات متينة جعلته يشعر بأنه وسط اهله وجيرانه وأصدقاءه , وقد لمس الأهالي هذا الشعور وأحبوا الدكتور احمد واعتبروه منهم وفيهم وابنا لمدينة نابلس لكثرة ما أحبها وأحبهم .
وفي تشرين الثاني عام 1945 جاء قرار نقله من نابلس , لكنه رفض النقل وفضل الاستقالة وقال : نابلس بلدي احببت أهلها وأحبوني . وقد اقامت له الجمعية الطبية العربية في لواء نابلس حفلا تكريميا كبيرا في فندق فلسطين بنابلس بمناسبة اعتزاله العمل الوظيفي في المستشفى الوطني .
وافتتح عيادة خاصة في نابلس , وكان يجري العمليات الجراحية في المستشفى الإنجيلي , كان الدكتور احمد سروري من مؤسسي الجمعية الطبية العربية الفلسطينية في فلسطين وكذلك احد مؤسسي الجمعية في لواء نابلس الكبير , وكان احد اعضاء اللجنة القومية في نابلس , وهو اول من درب الشباب والشابات على دروس الإسعافات الأولية.
وواصل خدمة أهالي المدينة بكل اخلاص وتفان , وحافظ على مستوى علمي متطور في مجال عمله من خلال حرصه على الاطلاع على ما يستجد من تطور في الطب عموما وفي الجراحة خصوصا , وهذا جعله قادرا على معالجة مختلف وأصعب الحالات المرضية , وشفاء المرضى الذين كانوا يزدادون اعجابا وحبا واحتراما لمكانته وجهوده ,
وقد برز في ذلك بين اطباء البلاد , حتى تم انتخابه في العام 1954 نقيبا للأطباء في المملكة . وكان من اوائل مؤسسي الهلال الأحمر في المملكة , ومؤسس فرع الهلال الأحمر في نابلس وأول رئيس له عام 1950 وفي فترة رئاسته للهلال في نابلس اسس اول بيت للمسنين في نابلس ,
استمر الدكتور أحمد يعمل في خدمة الناس والبلد ولم يتوقف عن عمله في عيادته النابلسية ,
وفي العام 1959 تم تكليفه ليصبح رئيسا لبلدية نابلس بعد ان استحال التوافق في نابلس على إجراء انتخاب لرئيس ومجلس للبلدية ,
وخلال سنوات رئاسته لبلدية نابلس قدم للبلد خدمات ما زالت معالمها ماثلة للعيان وفي مقدمتها المخطط الهيكلي لمدينة نابلس وتوسعة طرقها وشوارعها والذي تم استكمال وضعه في عهده , وتم في عهده في عام 1960 تأسيس وافتتاح مكتبة بلدية نابلس لتكون اول مكتبة عامة في ضفتي الأردن , ذلك الصرح الثقافي الذي نهل من محتوياته آلاف من ابناء وبنات البلد ثقافة وآداب وعلوم شكلت جانبا هاما من مستوى وعيهم وإدراكهم مما ساهم في تقدمهم وتقدم مدينتهم . وكذلك اسس منتزه بلدية نابلس للعائلات .
كما تم في عهده تخصيص ارض لبناء مستشفى رفيديا الذي تم تأسيسه فيما بعد , وكذلك تخصيص اراضي لبناء مستشفى الجنيد الحكومي الذي اكمل بناؤه لكن لم يستعمل لهذا الغرض الذي خطط من اجله , وكان الدكتور من اوائل الذين لهم الفضل في تطوير مشاريع البنية التحتية من ماء وكهرباء وشوارع والعديد من المشاريع العمرانية .
والدكتور احمد سروري أحد مؤسسي جامعة النجاح الوطنية في نابلس وكان احد اعضاء مجلس امنائها , وكان له الفضل اثناء ترؤسه لمجلس بلدية نابلس في تخصيص البلدية اراض لبناء جامعة النجاح فيما بعد .
وفي العام 1964 اصبح عضو اول مجلس وطني فلسطيني تم تأسيسه , ثم أصبح نائبا لرئيس منظمة التحرير الفلسطينية ,
وقد توفي في مدينة نابلس التي احبها واحبته في العام 1988 رحمه الله واسكنه فسيح جناته , وستبقى سيرته العطرة تفوح في جنبات نابلس بين ذرى جرزيم وعيبال الذين شهدا وفاءه وصدق انتماءه لنابلس التي احبته على الدوام .
عن مدونة رفيق حداد
|
||||
|