موقع مدينة نابلس الالكترونية يتغيّر
زوار موقعنا الأعزاء!
لعلكم تلاحظون أن الموقع يتغير وأن العديد من الزوايا قد تم الغاؤها، وأن التركيز أصبح أكبر على المحتوى، لأن الغرض من موقع مدينة نابلس الالكترونية هو تقديم المحتوى المتقدم عن المدينة، فقد قمنا بحجب الكثير من المحتوى الغير منظم ويجري حالياً مراجعة كامل المحتوى وسيتم نشره تباعاً حسب وفرة الوقت للمحرر.

مدير ومؤسس الموقع: م. سامي الصدر

مقال اليوم
في ذكرى القائد القسّامي قيس عدوان : رئيس مجلس طلبة النجاح و فارس الكتائب حامل السلاح

 

كتب حروف المجد بفصاحة صمته و نقشها بدمه على جدران الذاكرة الفلسطينية المكتنزة بقصص الوفاء للأرض و الناس و المبدأ الكريم ...

قيس عدوان … رئيس مجلس الطلبة في جامعة النجاح الوطنية ، قائدٌ طلابي لم يثْنه حمل الأعباء النقابية و الأكاديمية على كاهله عن حمل هموم الوطن في نفسه و جرح الأرض في قلبه لتكون له الزعامة على كرسي المجد ككلّ الشهداء .

 

قائد طلابيّ ناجح :

ولد الشهيد قيس عدوان نصار أبو جبل في مدينة جنين لأسرةٍ تعود أصولها إلى قرية سيريس في العام (1977) .

و اعتقل في سجون الاحتلال عدة مرات قبل أنْ ينهي دراسته المدرسية و يلتحق بجامعة النجاح الوطنية لدراسة الهندسة المعمارية عام 1996 حيث أبدى قدراتٍ نقابية و نضوجاً فكرياً و رصانة في التصرّف دفعته للعمل في الصفوف القيادية للكتلة الإسلامية في الجامعة لينتخبه طلبتها رئيساً لمجلس الطلبة في العام 1999 .

 

و في مجلس الطلبة قاد قيس العمل الطلابيّ بكلّ مهارة و اقتدار و صبر و حكمة و سعة صدر مكّنته من احتواء جميع الضغوط في سبيل إنجاز المصلحة العامة ، فقد كان رجلاً يدرك أنّ المسؤولية تعني خدمة الناس و التعب في سبيل راحتهم ، و هذا ما لمسه جميع طلبة النجاح كبرى جامعات الضفة الغربية في شخصية قيس ، فهم يشاهدونه دائم الحركة و النشاط في حلّ مشاكلهم الأكاديمية و النقابية و أحيانا الشخصية ، كما أنّ حضوره المميّز بين الأساتذة و العاملين في الجامعة قد أكسبه احتراماً عاماً لم يقتصر على أفراد الكتلة الإسلامية التي ينتمي إليها بل و من جميع الأطر و الاتجاهات الطلابية التي يغلي مرجل النجاح بتفاعل أفكارها و طروحاتها ، حيث لا يكاد المرء يصادف شخصاً في الجامعة من الذين عاصروا قيساً دون أنْ يحدثه قصة أو يروي له حكاية كان لقيس دورٌ إيجابيّ فيها .

 

 

 

و مع انطلاق انتفاضة الأقصى المبارك شكّلت النجاح ثقلاً نوعياً و كمياً في عمل المقاومة من خلال عشرات الشهداء و مئات الأسرى و المعتقلين و إنْ كان طلبة النجاح يذكرون قيساً في أول المهرجانات الخطابية ردّاً على تدنيس شارون للحرم القدسي الشريف فإنّهم بالتأكيد قد علموا أنّه رجل الفعل كما القول بعد استشهاده .

 

أبطالٌ بلا رتب :

و رغم حيازة جامعة النجاح على العديد من أوسمة الشرف في سجل انتفاضة الأقصى بقيَ قيس ألمع تلك الأوسمة و أكثرها ذكراً . فكما قدّمت النجاح أول شهداء نابلس في الانتفاضة (زكريا الكيلاني) و هو من نفس قرية قيس "سيريس" قرب جنين القسام ، قدّمت النجاح شهيدين من مجلس الطلبة الذي كان يرأسه قيس عدوان إضافة إليه نفسه و هما الشهيد "حامد أبو حجلة" منفّذ أولى العمليات الاستشهادية في قلب الكيان الغاصب في نتانيا ، و الشهيد القسّامي "كريم مفارجة" الذي وصفه موفاز بأنّه أحد أعضاء هيئة أركان حماس في الضفة الغربية ، كما كان أول استشهاديّ في الانتفاضة المباركة "هاشم النجار" من جامعة النجاح و من زملاء قيس كذلك .

 

و جميعهم ينتمون إلى حركة المقاومة الإسلامية (حماس) ، و من قادة العمل الطلابي في الكتلة الإسلامية التي قدّمت حتى اليوم (24) شهيداً بينهم (11) استشهادياً ، و لم يغبْ قيس عن تأبين أحدٍ من الذين سبقوه ، خاصة من زملائه في مجلس الطلبة أو كلية الهندسة التي كانت رائدة في إنبات الشهداء من أمثال حامد أبو حجلة ، و مؤيد صلاح الدين ، و علي الحضيري ، حيث كان يقضي يومه مستقبلاً المهنّئين باستشهادهم في بيوت التهنئة التي تقيمها الكتلة الإسلامية في الجامعة لتزفّ شهداءها ، كما كان شديد الحرص على التواصل مع أسرهم و يرى في ذلك أقلّ مظاهر الوفاء التي يجب أنْ تُقابَل بها بطولات الشهداء .

 

 

 

"يا إخوتي .. استشهدت فاحتسبوني" :

و لم تكن مشاركة قيس أسر الشهداء مشاعرهم و حرصه على التواصل معهم ناتجة عن دافع الواجب الاجتماعي فقط ، بل كان قيس شديد الوفاء ، معروفاً بحديثه الدائم عن أصدقائه الشهداء الذين كان يذكرهم كلّ حينٍ و هو يحتبس في عينيه عبرة تخذله عند اشتداد الشجون ، و لعلّ ذلك ما دفعه للالتحاق بركبهم و السير في الطريق الذي عبّدوه من حمرة دمائهم .

فقد أصبح قيس يشعر أنّه تحت المراقبة و تعرّض لمحاولة اغتيالٍ عندما أطلقت النار على نافذة المنزل الذي يقيم فيه أثناء وضعه اللمسات الأخيرة على مشروع تخرّجه من قسم الهندسة المعمارية و هو الأمر الذي دفعه إلى ضبط تحرّكاته و اتخاذ سواتر أمنية من باب الحيطة و الحذر قبل أنْ تصدر إحدى الصحف العبرية قائمة بأسماء قادة كتائب عز الدين القسام في الضفة الغربية ليختفي بعدها قيس عن الأنظار نهائياً و يلتحق بإخوانه المطاردين في عالمٍ لا يعلم عنه إلا الله و من كان منهم ..

 

و خلال مطاردته أعلنت المصادر الصهيونية مسؤوليّته عن عددٍ كبيرٍ من العمليات النوعية التي نفّذتها كتائب القسام خاصة عملية حيفا (30/3/2002) و التي قُتِل فيها 18 مستوطناً و جرح قرابة المائة رافعة قيس عدوان من مهندس معماري إلى "مهندس قسامي" على درب العياش و الشريف و عوض الله و غيرهم من رجالات المدرسة القسامية و رواد صناعة الانتقام ، في وقتٍ اشتدّ الحديث فيه عن ضرورة القضاء على هذا المهندس الذي بات يشكّل جيشاً بأكمله بفعل تأثير عملياته و نجاحها الكبير و دقة اختياره لأهدافه التي بدا من نتائجها أنها مدروسةٌ بعناية .

 

 

 

بقيَ الإعلام الصهيوني مصدر الحديث الوحيد عن قيس في ظلّ غيابٍ ذاتي له عن الساحة الإعلامية مكتفياً بالحضور العمليّ في ضربات المقاومة و الحضور الدائم في قلب اجتماعات المجلس الوزاري الأمنيّ الصهيوني الذي يذكّر بحرب المجرم رابين و الشهيد عياش حين كان رابين يفتتح كلّ لقاءاته الأمنية بالسؤال "أين المهندس ؟" ، و هلك رابين و استشهد عياش بينما بقيت المقاومة تخرّج المهندسين الذين يشغلون بال المحتل و منهم قيس .

 

حتى جاء يوم الخامس من نيسان و خلال عملية السور الواقي في الضفة الغربية ، حاصرت قوات صهيونية كبيرة المنزل الذي تحصّن فيه قيس مع خمسة من رفاقه في بلدة طوباس بعد أنْ قصفته بصواريخ طائرات الـ (أف 16) و طلبت منهم الاستسلام و لكن هيهات لمن عاش الحياة في طلب إحدى الحسنيين أنْ يرضى بالقيود ، فاختارت المجموعة المواجهة و اشتبكت بالبنادق و القنابل اليدوية مع عشرات الدبابات و المجنزرات و قاتلت قتال الأبطال ، و ارتفع صوت الباقين على قيد الحياة منها بالتكبير مع سباق كلّ شهيد يستبشرون بقرب اللحاق ، و بعد أكثر من سبع ساعات على الاشتباك الذي أبلت فيه المجموعة بلاءً حسناً استشهد جميع فرسانها قيس عدوان و إخوانه الشهداء و شاع الخبر بين الناس و روّجت له إذاعة العدو منذ اللحظات الأولى ، و ذلك للتأثير على معنويات المقاومة الفلسطينية و إشعارها بحتمية الهزيمة كأحد أشكال الحرب النفسية التي تمارسها تلك الإذاعة .

 

 

 

أمّا في جامعة النجاح فقد استُقبِل النبأ بنوعٍ من الصدمة المختلطة بمشاعر الفخر ، فقد كان أولئك الطلبة شديدي التعلّق برئيس مجلسهم الذي اعتادوا أنْ يهتفوا له مطالبين بالمزيد من عمليات البطولة ، و قد شوهد عددٌ من أولئك الطلبة يقبّلون الصورة الكبيرة التي وضعت للشهيد على باب بيت التهنئة في الجامعة بعد أنْ أدركوا حقيقة غياب فارسهم الأروع .

رحل قيس دون كلمة وداع ، و دون أنْ يُغلق الملف الدامي الذي فتحه الاحتلال و مضى فيه آلاف الشهداء ، و لكنّ ملفاً آخر لفارسٍ جديد يفتح مع كلّ شهيدٍ و لا يغلق حتى يرحل المحتل ، فلا زال في شعبنا ألف ألف عياش ، و ألف ألف عدوان ، و مع رحيل كلّ شهيدٍ حتماً يولد قساميّ جديد .

 

ماذا تعرف عن!
تصميم وتطوير: ماسترويب